-->

الجديد

من AlphaGo إلى غزة: غضب داخل DeepMind بسبب صفقات Google العسكرية.

author image

تمرد في قلب الذكاء الاصطناعي: موظفو DeepMind ينتفضون ضد تحالف Google مع الجيش الإسرائيلي

في تطور دراماتيكي وغير مسبوق داخل أحد أعمدة الذكاء الاصطناعي في العالم، يسعى قرابة 300 موظف في شركة **DeepMind**، التابعة لشركة Google في المملكة المتحدة، إلى تشكيل نقابة عمالية، ليس للمطالبة بزيادات مالية أو تحسين بيئة العمل – بل لمواجهة ما يصفونه بـ"الخداع الأخلاقي" وتورط الشركة في استخدام التكنولوجيا لأغراض عسكرية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

من وعود الأخلاق إلى مشاريع الحرب: هل خانت Google مبادئها؟

لطالما قدمت **Google** نفسها باعتبارها شركة ذات رسالة إنسانية – "Don’t be evil" (لا تكن شريرًا)، كان شعارها الشهير. ولكن الواقع اليوم يبدو بعيدًا عن تلك الوعود.  

في فبراير 2025، تراجعت Google رسميًا عن أحد أهم تعهداتها السابقة، وهو الامتناع عن تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي "قد تُسبب ضررًا عامًا". هذا التراجع كان بمثابة صافرة إنذار داخل مكاتب DeepMind – الشركة التي تأسست في الأصل على أسس بحثية وأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية.

ثم جاءت الضربة الأكبر: تسريبات وتقارير إعلامية كشفت عن تعاقد كل من Google وAmazon مع وزارة الدفاع الإسرائيلية في إطار صفقة "Project Nimbus"، والتي تبلغ قيمتها نحو **1.2 مليار دولار**. المشروع يهدف إلى توفير بنية تحتية سحابية متقدمة تشمل أدوات ذكاء اصطناعي وتحليلات فيديو للحكومة الإسرائيلية، وسط تصاعد القتال في قطاع غزة. هذه التقنيات يمكن أن تُستخدم في تحسين أنظمة الاستطلاع والمراقبة وحتى تحديد الأهداف – وهو ما يثير أسئلة أخلاقية خطيرة.

"لا أحد يريد أن يُستخدم عمله في قتل الأبرياء"

تحدث عدد من موظفي DeepMind الذين يقودون حملة تشكيل النقابة بشكل علني، معربين عن سخطهم. يقول أحدهم:  

> "نقرأ التقارير ونربط النقاط. التكنولوجيا التي نعمل عليها تُستخدم في نزاع دموي. لا أحد في فريقنا يريد أن يكون جزءًا من آلة قتل."  

ويضيف آخر:  

"انضممنا إلى DeepMind لأننا آمنا بأننا نبني مستقبلًا أفضل للبشرية، لا أدوات عسكرية."

حتى الآن، استقال **خمسة موظفين** من DeepMind احتجاجًا، بينما طردت Google موظفين آخرين في الولايات المتحدة بعد تنظيمهم لاعتصامات ضد صفقة Nimbus. في مايو 2024، بعث موظفو DeepMind برسالة داخلية قوية إلى إدارة الشركة يطالبون فيها بإلغاء العقود العسكرية، لكن رد الإدارة جاء بالرفض.

من السيليكون إلى السياسة: صعود الحركات النقابية في وادي السيليكون

تشكيل نقابة داخل DeepMind – واحدة من أكثر شركات الذكاء الاصطناعي تقدمًا – ليس فقط تمردًا مهنيًا، بل حركة سياسية داخل قلب التكنولوجيا العالمية.  

النقابة تسعى للحصول على اعتراف رسمي من خلال تصويت موظفي الشركة في المملكة المتحدة، الذين يقدر عددهم بنحو 2000 موظف. وإذا نجح التصويت، ستتمكن النقابة من الضغط بشكل قانوني على الشركة لإلغاء العقود المثيرة للجدل، وقد تلجأ للإضراب في حال تجاهل مطالبها.

الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها Google ضغطًا داخليًا. في عام 2018، اضطرت لإلغاء مشروع Maven – وهو مشروع تعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية – بعد احتجاج آلاف الموظفين. لكن يبدو أن الشركة أعادت فتح الأبواب أمام التعاون العسكري، ما دفع البعض لوصف هذا التوجه بأنه "بيع للأخلاق من أجل الأرباح".

أزمة عميقة في هوية DeepMind

تأسست DeepMind في لندن عام 2010، واكتسبت شهرتها بفضل تطويرها لنظام الذكاء الاصطناعي الشهير **AlphaGo** الذي هزم أبطال العالم في لعبة Go. لكنها لم تكن مجرد شركة تكنولوجيا – بل حركة فكرية في الذكاء الاصطناعي الأخلاقي.  

والآن، يجد موظفوها أنفسهم في مواجهة مع واقع تجاري تقوده Google التي ترى في الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية للأرباح والنفوذ الجيوسياسي.

يقول أحد أعضاء الحملة النقابية:  

"نحن لسنا هنا من أجل رواتب أعلى – رواتبنا جيدة. نحن هنا لنسأل: هل يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تُبنى بمسؤولية في عالم تسيطر عليه المصالح العسكرية والسياسية؟"

هل يشهد وادي السيليكون ثورة داخلية؟

مع تصاعد الحركات النقابية في شركات التكنولوجيا، مثل **Alphabet Workers Union** التي تأسست في 2021، يزداد الضغط على عمالقة التكنولوجيا لتقديم إجابات واضحة حول أخلاقيات منتجاتهم واستخداماتها.  

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد كود نظيف يُكتب في مكاتب هادئة بل أصبح أداة حقيقية تُستخدم في الحروب، الأمن، وحتى القمع.

بينما تواصل Google الدفاع عن مشاريعها، يبدو أن DeepMind قد تتحول إلى ساحة اختبار لمدى قدرة الموظفين على التأثير في قرارات كبرى تتعلق بالحرب والسلام.